إن وزان " العقيدة والعمل الصالح " وزان الجذور والسيقان في الشجرة فكما أن تقوية الجذور مؤثرة في قوة السيقان، وكمال الشجرة وجودة ثمرتها، فكذلك تهذيب السيقان ورعايتها بقطع الزوائد عنها وتشذيبها، وتعرضها لنور الشمس، مؤثرة في قوة الجذور، إنها علاقة تبادلية بين العمل والعقيدة كالعلاقة التبادلية بين الجذور والسيقان.
أجل ذلك هو الحال بالنسبة إلى تأثير الإيمان في العمل، وهكذا الحال بالنسبة إلى تأثير العمل في الاعتقاد، فإن الذي ينطلق في ميدان الشهوة بلا قيد، ويمضي في إشباع الغرائز إلى أبعد الحدود، يستحيل عليه أن يبقى محافظا على أفكاره واعتقاداته الدينية وقيمه الروحية.
إنه كلما ازداد توغلا في المفاسد ازداد بعدا عن قيم الدين، وهي تمنعه عن المضي في سبيله والتمادي في عصيانه، وهكذا يتحرر، عن تلك المعتقدات شيئا فشيئا وينسلخ منها وينبذها وراءه ظهريا.
وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذه الحقيقة أيضا.
وبهذا يعتبر الفصل بين العمل والكفر، بين العقيدة والسلوك على وجه الإطلاق نظرية خاطئة ناشئة من الغفلة عن التأثير المتقابل بين هذين البعدين.
ولهذا يسعى المستعمرون دائما إلى إفساد الأجواء الاجتماعية بهدف إفساد الأخلاق والسلوك تمهيدا لتغير الأفكار والقضاء على المعتقدات.
وعلى هذا الأساس صح التقسيم الثلاثي في سورة الواقعة إلى السابقين وأصحاب الميمنة، وأصحاب المشئمة (1).