الإيمان والكفر - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٩
الجهة الخامسة:
في حد الكفر وأسبابه وأقسامه إذا تبين مفهوم الإيمان وحده فيعلم منه مفهوم الكفر وحده بالضرورة، سواء قلنا إن بينهما تقابل التضاد أو تقابل العدم والملكة، وإليك توضيح ذلك:
1 - حد الكفر:
الكفر: لغة هو الستر والتغطية، وسمي الزارع كافرا لأنه يستر الحبة بالتراب، قال سبحانه: * (كمثل غيث أعجب الكفار نباته) * (الحديد - 20).
وأما اصطلاحا، فهو عدم الإيمان بما من شأنه الإيمان به، فيدخل ما من شأنه الإيمان به تفصيلا كتوحيده سبحانه ورسالة نبيه ويوم قيامته أو من شأنه الإيمان به إجمالا، كالإيمان بالضروريات أي ما لا يجتمع الإنكار بها مع التسليم للرسالة، ويعد الفصل بينهما أمرا محالا في مقام التصديق، فلو كفر بوجوب الصلاة والزكاة فقد كفر بما من شأنه الإيمان به، فالإيمان بالرسالة إيمان بهما ويعد إنكارهما إنكارا لها، بل الإيمان بكل ما جاء به ضروريا كان أو غير ضروري. لكن على وجه الإجمال لأنه لازم الإيمان برسالته.
قال الإيجي: الكفر وهو خلاف الإيمان فهو عندنا عدم تصديق الرسول في بعض ما علم مجيئه به ضرورة (1).

1. الإيجي، المواقف: 388.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»