لا يقبل ادعاء الإيمان منهم إلا عن ذلك الطريق. وبعبارة ثانية، إن الآية وردت في سياق الآيات الآمرة بإطاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال سبحانه: * (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) * (النساء / 64) والمنافقون كانوا يدعون الإيمان، وفي الوقت نفسه كانوا يتحاكمون إلى الطاغوت. فنزلت الآية، وأعلنت أن مجرد التصديق لسانا ليس إيمانا. بل الإيمان تسليم تام باطني وظاهري. فلا يستكشف ذلك التسليم التام، إلا بالتسليم للرسول ظاهرا، وعدم التحرج من حكم الرسول باطنا، وآية ذلك ترك الرجوع إلى الطاغوت ورفع النزاع إلى النبي، وقبول حكمه بلا حرج. فأين هو من كون نفس التحكيم جزءا من الإيمان؟
4 - قوله سبحانه: * (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) * (آل عمران / 97) سمى سبحانه تارك الحج كافرا.
يلاحظ عليه: أن المراد إما كفران النعمة وأن ترك المأمور به كفران لنعمة الأمر، أو كفر الملة لأجل جحد وجوبه.
5 - قوله سبحانه: * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيامة) * (البينة / 5). والمشار إليه بلفظة " ذلك " جميع ما جاء بعد " إلا " من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فدلت هذه الآية على دخول العبادات في ماهية الدين.
والمراد من الدين، هو الإسلام لقوله سبحانه: * (إن الدين عند الله الإسلام) * (آل عمران / 19).
وعلى ضوء هذا، فالعبادات داخلة في الدين حسب الآية الأولى، والمراد من الدين هو الإسلام حسب الآية الثانية، فيثبت أن العبادات داخلة في الإسلام، وقد دل الدليل على وحدة الإسلام والإيمان وذلك بوجوه:
ألف - الإسلام هو المبتغى لقوله: * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل