الأستاذ في تفسير القرآن، ولا تصدقه أنصار الحضارة المادية الذين ينكرون إمكان صيرورة إنسان قردا حقيقيا دفعة واحدة، ولأجل ذلك مال الأستاذ إلى رأي مجاهد الذي قال: ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار في قوله تعالى:
* (مثل الذين حملوا التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) * (1).
ثم أخذ في نقد قول الجمهور - إلى أن قال -: " فما قاله مجاهد هو الأوفق بالعبرة والأجدر بتحريك الفكرة (2) ".
ولا يخفى أنه إذا صح هذا التأويل فيصح لكل من ينكر المعاجز والكرامات وخوارق العادات هذا النمط من التأويل، وعندئذ تبطل المعارف ويكون الكتاب العزيز لعبة بيد المحرفين.
2 - نقل صاحب المنار عن بعض المفسرين مذهبا خاصا في معنى الملائكة وهو أن مجموع ما ورد في الملائكة من كونهم موكلين بالأعمال من إنماء نبات، وخلقة حيوان، وحفظ إنسان وغير ذلك، فيه إيماء إلى الخاصة بما هو أدق من ظاهر العبارة وهو أن هذا النمو في النبات لم يكن إلا بروح خاص نفخه الله في البذرة فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة وكذلك يقال في الحيوان والإنسان، فكل أمر كلي قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة الإلهية في إيجاده فإنما قوامه بروح إلهي، سمي في لسان الشرع ملكا ومن لم يبال في التسمية بالتوقيف يسمي هذه المعاني القوى الطبيعية إذا كان لا يعرف من عالم الإمكان إلا ما هو طبيعة أو قوة يظهر أثرها في الطبيعة.