الثانية: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) *. (1) والآية واردة في حق غير التائب، لأن الشرك مغفور بالتوبة أيضا فيعود معنى الآية أن الله سبحانه يغفر ما دون الشرك لمن يشاء وإن مات بلا توبة فتكون نتيجة ذلك عدم جواز الحكم القطعي بخلود مرتكب الكبائر في النار، ولما كان مفاد الآية مخالفا لما هو المحرر في المدرسة الكلامية للمعتزلة حاول صاحب الكشاف تأويل الآية فقال:
الوجه أن يكون الفعل المنفي والمثبت جميعا موجهين بقوله تعالى: * (لمن يشاء) * كأنه قيل: " إن الله لا يغفر لمن يشاء الشرك ويغفر لمن يشاء ما دون الشرك " على أن المراد بالأول من لم يتب وبالثاني من تاب، نظير قولك: إن الأمير لا يبذل الدينار ويبذل القنطار لمن يشاء، تريد لا يبذل الدينار لمن لا يستأهله ويبذل القنطار لمن يستأهله " (2).
يلاحظ عليه: أن ما ذكره خلاف ظاهر الآية وقد ساقته إليه مدرسته الكلامية فنزل الأول مورد عدم التوبة، والثاني موردها، حتى تتفق الآية ومعتقده.
كما أنه لا دلالة في الآية على تقييد الثاني بالتوبة، لأنه تفكيك بين الجملتين بلا دليل بل هما ناظرتان إلى صورة واحدة وهي صورة عدم اقترانهما بالتوبة فلا يغفر الشرك لعظم الذنب ويغفر ما دونه.
ج: امتناع رؤية الله أو إمكانها:
ذهبت الأشاعرة إلى جواز رؤيته سبحانه يوم القيامة وهذا هو الأصل البارز في مدرستهم الكلامية، ثم إن هناك آيات تدل بصراحتها على امتناع رؤيته