ما ربما يقال من أن أحاديث المهدي لم ترد في صحيحي البخاري ومسلم، وأن انفراد أبي داود والترمذي بروايات أحاديث المهدي شئ يلفت النظر فعلا.
قال الدكتور عبد الباقي: " لا أرى لزاما علينا نحن المسلمين أن نربط ديننا بهما. فلنفرض أنهما لم يكونا. فهل تشل حركتنا وتتوقف دورتنا؟ لا. فالأمة بخير والحمد لله. والذين جاءوا بعد البخاري ومسلم استدركوا عليهما.
واستكملوا جهدهما. ووزنوا عملهما. وكشفوا بعض الخلاف في صحيحيهما.
وما زال المحدثون في تقدم علمي وبحث وتحقيق ودراسة وجمع ومقارنة وتمحيص. حتى يغمر الضوء كل مجهول. ويظهر كل خفي.
ولماذا نرد حديثنا لمجرد أن قيل في بعض رواته: إنه لين أو ضعيف. أو منقطع. أو مرسل أو..؟.
نعم. هذه علل، تثير الشك والتساؤل، وتدفع إلى زيادة البحث والتعمق.
ولكن: كما أعتقد أن بعض علل الحديث لا تلزم بالرد لهذا الحديث فكثيرا ما نجد في بعض الطرق ضعفا، وفي بعضها قوة. فهو صحيح من طريق، حسن أو ضعيف من أخرى. ومعنى هذا أن الراوي الذي حكم عليه مثلا بأنه ينسى تبين أنه في هذه الواقعة لم ينس. فجاءت روايته مؤيدة بما جاء عن غيره.
وأحاديث المهدي - في نظري - من هذا النوع، ولو بعضها. رغم أن بعض المسلمين - كابن خلدون - قد بالغ وضعفها كلها. وردها وحكم عليها حكما قاسيا. واتهم كل هؤلاء الرواة ومن رووا عنهم بما لا يليق أن يظن فيهم.
إن المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين. أو راو أو راويين، إنها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريبا، اجتمع على تناقلها مئات الرواة وأكثر من صاحب كتاب صحيح.