جذري على ما كان سائدا في الجزيرة، أن يكون قد تمكن من نفوس الناس وعقولهم، فضلا عن أن يكون قد رسخ وتجذر، فذلك يتطلب أجيالا تنشأ على قيمه وأخلاقه وروحيته، ليصبح جزءا من ثقافتها، قبل أن يتجذر في حياتها الاجتماعية. لا سيما أن العرب كانوا جاهليين وثنيين، ولم يكن لهم أرضية يشتركون بها مع روحية الرسالة السماوية، إذ لا سابق عهد لهم بالوحي والأنبياء، كل هذا يعني أن الرسالة الإسلامية، وإن كانت قد اكتملت بالنصوص والتشريع، لكن مجتمعها ما زال في طور التكامل معها، وأمتها ما زالت في دور التكوين.
إن حداثة عهد الصحابة بالإسلام واستمرار الأثر الجاهلي بدرجات متفاوتة إن على مستوى النفس والميول وإن على مستوى العلاقات والولاء، يمكن قراءته من أحداث كثيرة خاصة بالصحابة كأفراد وجماعة خالفوا فيها أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) الصريحة، بما فيهم بل وبالأخص، أصحاب ممن أصبحوا السلطة أو القادة أو من القياديين في الفترة التالية لوفاة الرسول (صلى الله عليه وآله). إن مخالفة أوامر النبي (صلى الله عليه وآله) على مستوى الفرد وإن كان أقل أهمية من المخالفة على المستوى الجماعي، لكن بذاته يعكس نمطا من السلوك كان متفشيا في مجتمع الصحابة، هذا النمط الذي لا يتورع عن مخالفة النص القرآني أو النبوي تحت مختلف الذرائع والظروف، والعمل بالرأي الذاتي ولو كان مخالفا للنص بكل صراحة ووضوح، سواء في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وبعد وفاته، والنماذج من الأحداث التي سنشير