ولأن الواقع لا يقاوم في أن تصحيح رجوع أي جاهل مشركا أو غيره إلى اليهود، لمعرفة وجه الحق في شأن من شؤون الرسالات الإلهية، يشرع هذا الرجوع ويمنحهم مصداقية، وجدنا بعد التدليس في فهم حقيقة أهل الذكر على هذا النحو، بأن ذلك جعل الذين لم يستوعبوا حقائق الإسلام من المسلمين، يستسيغون سؤال الذين أسلموا من علماء اليهود والنصارى عن أخبار التوراة والأمم السابقة، ومحضوهم الثقة في ذلك، فوجد المنافقون منهم السبيل إلى المكر والتخريب في الإسلام مثل كعب الأحبار. فاستخفوا بعضا من الرواة وبثوا عن طريقهم الخرافات التي شوهت كثيرا من جوانب الإسلام، حين خلط بعضهم مثل أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر (1) وغيرهم بين ما هو صادر عن النبي (صلى الله عليه وآله) وما هو صادر عن كعب الأحبار، فسوغ هؤلاء الرواية عنهم نقلا عن كتبهم كما يدعون، ثم اختلط الأمر عليهم والتبس بين ما يروونه عن النبي (صلى الله عليه وآله) وما يروونه عن هذا الدساس، هذا بالرغم من كل ما أوردناه من نصوص قرآنية ترتب عدم ذلك، وبالرغم من نهي النبي (صلى الله عليه وآله) عنه، ولقد ذكر الشيخ محمود أبو رية في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص 124 ط / 1 سنة 1958 (... وكان يغضب أشد الغضب إذا رأى أحدا ينقل عنهم، فقد روى أحمد عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي فغضب وقال: أمهوكون
(٣٣٣)