الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٢٧
كقول المشركين * (لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ) * فمن الذي بين لهؤلاء الذين لا يفهمون حقائق الذكر الحكيم وهم يقرأونها؟ من يبين لهم إلا العالمون بحقائق الوحي وكتبه على وجهها الذي يريده الله، لا كما يتوهمونها بتأولاتهم وظنونهم؟ فلئن صح أن يبين أهل الذكر للمشركين، أفلا يصح أن يبينوا ذات الحقيقة ودلالاتها للمسلم إذا نشأ لديه الشك والإبهام، علما أن حقائق الإيمان ودلالاتها واحدة؟.
من أجل هذا جاء الخطاب عاما في هذا النص العظيم يؤكد إحدى حقائق الأديان، ثم يقرر في مناسبة عدم العلم بهذه الحقيقة قاعدة عامة لكل من يتوجب عليه العلم بحقائق الرسالات ودلالاتها وكتبها أن يعود في ذلك إلى أهل الذكر.
وفي محصلة الكلام حتى هذه اللحظة وجدنا أنه:
أولا: يتكلم النص عن البينات والزبر والذكر بعموم العبارة، فلا مبرر لتخصيصها لبعض الكتب الإلهية دون غيرها، بل لا بد من فهمها على أنها تعني مطلق الرسالات الإلهية وكتبها.
ثانيا: وإن كان الكلام قد أنشئ في معرض ذكر حقيقة ربانية واحدة هي بشرية الرسل أو عدم جبرية الإيمان، فإن النص قد جعل السؤال لأهل الذكر بمطلق البينات والزبر، وجعل شرطه الجهل، سواء فهمنا على أنه الجهل بالحقيقة التي قررها النص، أو بمطلق حقائق الإيمان، فإن السؤال المنوط بأهل الذكر هو بمجملها وليس وقفا على هذه الحقيقة بالذات. ومن الواضح أن غاية السؤال ليست تحصيل خبر بالنفي أو
(٣٢٧)
مفاتيح البحث: الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»