الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٢٦
خطابا عاما، يصح لكل من جهل بالحقائق الإلهية وبيناتها وكتبها، ولكل من توجب عليه العلم ببراهينها، وهو أمر يتوجب على كل إنسان، وعلى المسلم قبل غيره، لأن تسليمه لا يسقط عنه إحراز اليقين بها، الذي يستلزم أن يعقلها ويفهم دلالتها، وفي القرآن الكريم حوارات كثيرة حول الحقائق الربانية والكونية من قبيل البعث والوحدانية التي علم أن الكافرين أو المشركين ينكرونها، وجاءت أساسا ردا على شكوكهم، لكنها تبقى حوارات تمثل دلالات، لكل من ينشأ لديه شك أو غموض حولها، أو يحتاج إلى براهينها، فلا معنى لاعتبارها خاصة بإقناع المشركين كقوله تعالى * (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) * وقوله * (لو كان فيهما آلهة غير الله لفسدتا) * أو * (كماء أنزلناه من السماء فأحيينا به أرضا ميتة وكذلك النشور) * فلا وجه لاعتبار هذه وكل الحوادث المماثلة تعني المشركين وحدهم، بل هي لكل من يترتب عليه فهم هذه الحقائق ودلالاتها، وهذه متوجبة على كل إنسان سواء أنكر الوحدانية أو البعث أو أقر بهما تسليما، فإن الإيمان بها مطلوب فوق التسليم، وهو يحتاج إلى السؤال والعلم ومعرفة بيناتها.
ألا ترى أن بعض المسلمين يقولون بالتجسيم؟ وغير ذلك من المقالات التي تناقض حقائق الإيمان؟ ألا ترى أن كثيرا من المسلمين يقولون بالجبر، وأن الإيمان والكفر حسب ذلك قضاء منذ أول الخلق لا خيار فيه، كما يروون من الحديث المنحول بقولهم " قبض الله قبضة وقال هذه إلى الجنة ولا أبالي وقبض قبضة وقال هذه إلى النار ولا أبالي " أليس هذا
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»