الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣٢٣
بها، كقولك إن الماء مفطر فاسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون بالدين، أو على التقدير الثاني من اعتراضية إن كنتم لا تعلمون: إن الماء مفطر، إن كنتم لا تعلمون، فاسألوا أهل العلم بالدين، فأنت قد أنشأت قاعدة عامة في مناسبة الجهل بمفطرية الماء، تقضي بسؤال أهل العلم بشأن الدين، وسؤالهم بعموم شأنه في كل مناسبة أخرى من الجهل فيه. ومثله هذا النص العظيم الذي في مناسبة الجهل ببشرية الرسول أو عدم جبرية الإيمان، فقد أنشأ قاعدة عامة تقضي بسؤال أهل الذكر بعموم البينات والزبر حين ينشأ الجهل بحقائقها، ولا يكون السؤال وقفا على مناسبتها، بل الرد إلى أهل الذكر في هذه الحالة كان من خلال القاعدة العامة التي أنشأها النص.
ولقائل أن يتساءل أنه كما قبلنا بإمكان اعتراضية * (إن كنتم لا تعلمون) * في سياق * (فاسألوا أهل الذكر بالبينات والزبر) * فلماذا لا نقبل بإمكان اعتراضية مجمل الجملة * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * بين قوله * (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) * وقوله * (بالبينات والزبر) * لتصبح هذه الأخيرة متعلقة بأرسلنا أو نوحي.
والفارق واضح، إذ أنه في الاحتمال الأول * (إن كنتم لا تعلمون) * مرتبطة ب‍ * (فاسألوا) *... حيث أن عدم العلم هو شرط السؤال، لذلك فإن اعتراضيتها تأتي من سياق العبارة ومن خلالها، ولا تحدث خروجا عن السياق، ولا انقطاعا فيه، بل كله سياق واحد مترابط. بينما في الاحتمال الثاني، فإن جملة * (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) * غير مرتبطة
(٣٢٣)
مفاتيح البحث: الجهل (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»