الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٣١٩
* (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر...) * البينات والزبر متعلقة ب‍ * (لا تعلمون) * ولا يصح ردها إلى أرسلنا أو إلى نوحي، فالرد إلى الأقرب أولى مع استقامة المعنى، وأكثر انسجاما مع فصاحة الكلام، ولا يصح الرد إلى الأبعد مع تجاوز الأقرب ما لم تتوفر ضرورة بلاغية له، أو دليل خارجي يبرر من سنة أو سواه، وكلا الأمرين مفقود، فلزم الرد إلى الأقرب جريا مع مألوف اللسان وقواعد الكلام، ولكن على تقدير أن جملة * (إن كنتم لا تعلمون) * اعتراضية تعود إلى * (ما أرسلنا من قبلك إلا رجالا) * فحينئذ يقتضي رد * (بالبينات والزبر) * إلى فاسألوا إذ تصبح هي الأقرب انسجاما مع ما أسلفنا، وفي الحالة الأولى يكون السؤال لأهل الذكر مترتبا في حالة عدم العلم بالبينات والزبر، وفي الحالة الثانية يكون سؤالهم بالبينات والزبر مترتبا، نتيجة عدم العلم بحقيقة أن الله تعالى يرسل رجالا يوحي إليهم، وفي الحالتين فإن السؤال هو في موضوع البينات والزبر، فيكون المعنى أن السؤال بها يجب توجيهه إلى الذين نعتهم تعالى ب‍ * (أهل الذكر) *.
والبينات: هي البراهين الواضحة وتعني الدلالات التي تؤكد الحقائق الربانية من مثل بشرية الرسل وعدم جبرية الإيمان، ولقد ورد في القرآن الكريم تنزيل البينات على الرسل في معرض الكلام عن موسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله) وأنبياء آخرين عليهم السلام فلا مبرر للقول بأن العبارة تعني إحدى الرسالات السماوية أو الكتب كالتوراة. ولما جاءت العبارة مطلقة هكذا دون تخصيص فهي تشير إلى
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»