الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٦٣
ولعل لقائل أن يقول إن قوله تعالى * (ترى الذين في قلوبهم مرض..) * الآية لها أن تخصص ما قبلها وبعدها، فالجواب هو ذاته الذي قدمناه أعلاه، إذ أن النص في ذاته ومجموع النصوص التي ادعوا أنها مشتركة السياق والنزول، تستقيم منفردة ومجتمعة في سياق واحد باعتبار أساس الولاية وجوهرها وعموم مدلولها، ولا يتوقف الأمر على التخصيص، لذا يتوجب الأخذ بأصل المعنى في شموله، أما التخصيص فيصبح إسقاطا لا مبرر له، بل إن المعنى لا يستقيم إلا بهذا الأصل والعموم، ذلك لأن ما أشرنا إليه من قوله تعالى * (من يتولهم منكم فإنه منهم) * وقوله تعالى * (من يرتد منكم..) * تفرض عموم معنى الولاة، فيكون هذا المعنى لازما، لأن العام يشمل الخاص، فيستقيم المعنى بين الآيات مجتمعة كما استقام منفردة، بينما المعنى الثانوي الخاص يخرج ما عداه فيحدث التعارض والتناقض بين الآيات في السياق الواحد، وهكذا فإن مجموع الآيات يقصد إلى تحريم عموم الولاية، ويأتي في سياقه قوله تعالى * (ترى الذين في قلوبهم مرض..) * الآية تحريما لمضامين ثانوية منها بالتفريع عن الأصل.
وليس غريبا أن ينزل الوحي بمناسبة خاصة بما هو أعم منها ليشمل التحريم موردها والموارد المتعلقة بها، وعليه أمثلة كثيرة من القرآن الكريم فلا داعي للإفاضة في هذا المعنى.
ومما يزيد شمولية النص وضوحا أن التحريم شمل النصارى الذين لم يكن لهم علاقة بسبب النزول كما أوردوه، الأمر الذي يوفر قرينة حسنة
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»