الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٥٨
المسلمين، الذي هو أولى بهم بما له من حق التصرف وامتلاك السبيل عليهم، لذلك سمي بولي المسلمين، ومن والى امرءا فقد أسلمه قياده، وجعل له السبيل على نفسه، وأعطاه حق التصرف، وذلك هو جوهر الولاية ومضمونها. ومن مترتبات الولاية حماية الولي لمن كان في ولايته، لذلك فالولي حام وناصر، لأنه الأولى بمن والاه، وهذه العلاقة مزدوجة الاتجاه بين الولاية والنصرة، بحيث أحدهما يقود واقعيا إلى الأخرى، لكن الولاية أشمل، والنصرة جزء منها. لذلك من تعاهد مع قوم على نصره وحمايته والذب عنه فقد والاهم، لأن هذه العلاقة في الأصل من مترتبات الولاية أولا، وتقود إلى جوهرها ثانيا، فهو بحاجة إليهم، وباعتماده عليهم قد جعل لهم يدا وسبيلا على نفسه، وغدت مصلحته وشأنه متوقفا عليهم، لذا يسعد بقوتهم ويسعى لها كأحدهم، فيصبح ولاؤه وإخلاصه لهم، وينقاد إليهم، فيملكون عليه السبيل والقياد، وهكذا من جعلت نفسك تحت حمايته أصبحت تابعا له، وهو أولى بك ووليا لك.
ومثله يقال حول علاقة المرء ببطانة يتخذها أو خلة أو مودة يتعلق بها، وإن كانت المولاة في هذه من درجة دون ما هي عليه في علاقة الحماية والنصرة، لكنها جميعا تتفق بجوهر واحد بإعطاء السبيل على نفسه للجهة المتعلقة، ومنها كذلك، إيكال المرء أمره أو بعضه إلى جهة فيجعل لها اليد والسبيل على نفسه فيكون قد ولاها شأنه، كما لو أوكلت شأن حمايتك من عدو محتمل إلى جهة خارجة عن نفسك، فتكون قد جعلت لها اليد عليك وواليتها.
(٢٥٨)
مفاتيح البحث: العهد (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»