الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٤١
مناسبات أخرى حين خلفه على المدينة في غزوة تبوك حين قال: ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقال لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي، وحين بعثه وراء أبي بكر ليأخذ منه سورة براءة ويبلغها، فرجع أبو بكر وسأله: نزل في شئ؟ فقال (ص) " لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك " (1).
والأداء هنا ليس لأمر شخصي، بل لأمر رباني وجزء من الرسالة، مما يعني أن لعلي وآل محمد (صلى الله عليه وآله) هذه الصفة والوظيفة الربانية في التبليغ عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته وبعد وفاته، والتي فيها مضمون الشاهدية. وهي قرار إلهي، فالرسول لا يصدر عن نفسه * (ما أتاكم الرسول فخذوه..) * وهكذا يتضح لماذا أدخل النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (ع) مع نفسه في الاحتجاج على اليهود والنصارى، وجعله شاهدا له من الله عليهم، تارة بما في كتبهم كما في حكم الزانية في التوراة، وتارة بحقائق الوحي بالرسالات الإلهية كما في حقيقة خلق عيسى (ع) وحقيقة أنه بشر لا ابن الله، هذا الأمر الذي قد زور في الأناجيل التي كانت متداولة بين الناس، فها هنا لم يكن من ضرورة في الاحتجاج والشهادة من قبل علي (ع) عليهم أن يكون ذلك في كتبهم، كما لم يكن ضروريا مثله في مناسبة الشهادة على الذين قالوا * (لست

(١) وفي رواية ثانية " علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " والحديثان أخرجهما ابن ماجة في باب فضائل الصحابة ج 1 ص 92 من سننه، وأخرجه الترمذي والنسائي، وهو الحديث 2531 من الكنز ص 153 ج 6، وأخرجه الإمام أحمد في 164 ج 4 من مسنده وص 151 ج 1.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»