مقيم (1).
لكن الذين أسلموا رغما، ولم يتشربوا بروح الإسلام، وظلت نعرات الجاهلية عالقة بأذهانهم، ومترسبة في قلوبهم، جعلوا كل الذي ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من النصوص في حق أهل بيته الكرام، واردا بدافع العاطفة البشرية، نابعا عن هواه في أبناء ابنته معرضين عن قدسية كلام الرسول الذي حاطه بها الله، فجعل كلامه وحيا، وحديثه سنة وتشريعا، وطاعته فرضا، ومخالفته كفرا ونفاقا، وجعل ما ينطق بعيدا عن الهوى، بل هو وحي يوحى، فأعرضوا عن هذه النصوص الآمرة بحب الحسنين، والناهية والمتوعدة على بغضهما، بأشد ما يكون، ونبذوها وراءهم ظهريا، فعدوا على آل الرسول ظلما، وعسفا، وتشريدا، وسبا، ولعنا، وقتلا.
وخلف من بعد ذلك السلف، خلف أضاعوا الحق، وأعرضوا عن أوامر النبي ونواهيه، واتبعوا آثار سلف وجدوه على أمة، وهم على آثارهم يهرعون.
فبعد أن ضيع السلف على آل محمد فرصة الخلافة عن النبي، وتولي حكم الأمة، وقهروهم على الانعزال عن مواقع الإدارة، وغصبوا منهم أريكة الإمامة، وفرغوا أيديهم عن كل إمكانات العمل لصالح الأمة، وأودعوا المناصب المهمة والحساسة في الدولة الإسلامية بأيدي العابثين من بني أمية والعباس.
وبعد أن أضاع الخلف على آل محمد فرص إرشاد الأمة وهدايتها تشريعيا، فلم يفسحوا لفقههم أن ينشر بين الأمة، ومنعوهم من بيان الأحكام الإلهية، وحرفوا وجهة الناس عنهم، إلى غرباء دخلاء على هذا الدين وأصوله،