عاصر الرسول وآمن به، أو صحبه فترة وسمعه يؤكد ويكرر الإشادة بفضل أهل البيت وتكريمهم وتفضيلهم وتقديمهم، حتى آخر لحظة من حياته في مرض موته، لم يدر في خلد واحد من الصحابة المؤمنين بالرسالة المحمدية أن يشن حربا على آل الرسول، أو يضرم نارا على بابهم، أو يشهر سيفا في وجه أحدهم؟ أو يحرق خبأهم وفيه النساء والأطفال؟
فلذلك لم يوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطابا بهذا المضمون إلى الأمة، لأنهم كانوا يذعرون، لو قال لهم: سالموا أهل بيتي، ولا تحاربوهم!.
لكنها الحقيقة التي يعلمها الرسول من وحي الغيب، ولا بد أن يقولها لآله حتى يكونوا مستعدين لها نفسيا، ولا ينالهم منها مفاجأة، ولا يسقط في أيديهم.
فلذلك وجه الخطاب إليهم بذلك خاصة، في كل النصوص، وكأنه دعم معنوي منه، لمواقفهم، وحث لهم على المضي في السبيل التي يختارونها، وهكذا كان:
فما أن أغمض النبي عينيه، حتى بدت البغضاء ضد أهل البيت:
فكانت لهم مع ابنته الزهراء فاطمة مواقف أشد ضراوة من حروب الميادين، لأنها حددت أصول المعارضة، ومعالمها، وكشفت عن أهدافها، وقد جاءت صريحة في خطاباتها الجريئة التي أعلنتها في مسجد رسول الله، فطالبت أبا بكر بحقوق آل محمد من بعده: من مقام زوجها في الخلافة، ونحلة أبيها في فدك، وإرثها منه كما كتبه الله وشرعه في القرآن.
فقامت عليها السلام تحاكمه في مسجد رسول الله، أمام الأمة، معلنة لمطالبها بمنطق الأدلة المحكمة، من القرآن الكريم، والسنة الشريفة، وبالوجدان