فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني (1).
[319] وقال صلى الله عليه وآله وسلم لنسائه: لا تبكوا هذا الصبي - يعني حسينا - (2).
ولماذا يؤذيه بكاء هذا الطفل بالخصوص؟ وكل طفل لا بد أن يبكي، وإذا كان إنسان رقيق العاطفة، فلا بد أن يتأذى من بكاء كل طفل، أي طفل كان، فلماذا يذكر النبي العطوف، الحسين خاصة؟ لكن القضية التي جاءت في الحديث لا تتحدث عن هذه العاطفة، وإنما تشير إلى معنى آخر.
فبكاء الحسين، يؤذي النبي لأنه يذكره بحزن عظيم سوف يلقاه هذا الطفل، تبكي له العيون المؤمنة وتحزن له القلوب المستودعة حبه، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى من صوت بكاء هذا الطفل وهو في بيت أبويه، فكيف به إذا وقف عليه يوم عاشوراء في صحراء كربلاء وقد كظه الظمأ، يطلب جرعة من الماء؟
وإذا كانت دمعة الحسين تعز على رسول الله أن تجري على خده فكيف بدمه الطاهر حين يراق على الأرض؟
إن أمثال هذا الحديث رموز تشير إلى الغيب، وإلى معان أبعد من مجرد العاطفة وأرق.
والأذى الذي يذكره النبي، أعمق من مجرد الوجع وأدق.
وللبكاء في سيرة الحسين منذ ولادته بل وقبلها، وحتى شهادته بل وبعدها،