عاشوراء أما هم، فكانوا يقفون ذلك الموقف عن بصائر نافذة، وعن خبرة وعلم اليقين بالمصير، ولقد أصبح إيثارهم بأرواحهم لسيدهم الإمام الحسين عليه السلام عين اليقين، للتاريخ، ومضرب الأمثال للأجيال.
ومثال واحد ذكره ابن عساكر عن محمد بن بشير الحضرمي الذي لازم الحسين وكان معه في كربلاء:
[200] إذ جاءه نبأ ابنه أنه أسر بثغر الري، فقال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يؤسر، ولا أن أبقى بعده.
فسمع الحسين كلامه، فقال له: رحمك الله، وأنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك! قال: أكلتني السباع حيا إن فارقتك!
فقال له الحسين: فأعط ابنك هذه الأثواب البرود، يستعن بها في فداء أخيه.
فأعطاه خمسة أثواب، قيمتها ألف دينار (1) إن الكلمة لتقصر عن التعبير في وصف موقف هؤلاء، كما أن الذهن ليعجز عن تصوير ما في قلوبهم من الود والإخلاص لإمامهم.
إلا بتكرار عباراتهم نفسها