يزعمون، وبأمر من الخلفاء والولاة كما يدعون!
إنها الردة الحقيقية، لا عن الإسلام فحسب، بل عن كل دين مزعوم، وعن كل معنى والتزام إنساني، أو قومي، أو وطني، أو انتماء طائفي، أو تبعية، أو أي معنى آخر معقول.
بل ليس ما جرى في يوم عاشوراء قابلا للتفسير إلا على أساس الجاهلية، والعمى، والغباء، والغرور، والغطرسة، والحماقة، وحب سفك الدم الطاهر، وروح الاعتداء والانتقام، والرذالة، والخسة، والعناد للحق الظاهر، وركوب الرأس، والعنجهية، وخسران الدنيا والآخرة.
فحقا كانت معركة عاشوراء، معركة الفضيلة كلها ضد الرذيلة كلها.
لكن لم ينته الظلم على آل محمد بانتهاء عاشوراء، بل امتد مدى التاريخ الظالم، على يد حكامه، وعلى يد كتابه، وعلى يد الأشرار الذين ناصبوا آل محمد العداء والبغض والكراهية، وورثوا كل ذلك من أسلافهم، الذين صنعوا مأساة عاشوراء.
أليس من الظلم البين والخيانة المفضوحة أن يفصل يوم عاشوراء ومجرياته التاريخية، عن تاريخ الإمام الحسين عليه السلام؟
هذا الذي وقع - فعلا - في كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر ونحن نربؤ بابن عساكر نفسه، ذلك المؤرخ الشهير، أن يكون قد أغفل ذكر أحداث كربلاء ويوم عاشوراء بالذات، عن تاريخه الكبير، إذ لا يخفى عليه أن تاريخ الحسين عليه السلام إنما يتركز في عاشوراء، ويعلم أن مثل ذلك العمل سيؤدي إلى أن ينتقد بلا ريب من قبل المؤرخين، والفضلاء، والنبلاء.