فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس عرضه على أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: قاتل الله بن العاص، ما أغراه بك يا عبد الله، أجبه وليرد عليه الشعر الفضل بن العباس فإنه شاعر، فكتب ابن عباس إلى عمرو: أما بعد، فإني لا أعلم أحدا من العرب أقل حياء منك، إنه مال بك معاوية إلى الهوى فبعته دينك بالثمن اليسير، ثم حيطت الناس في عشوه طمعا في الدنيا فأعظمتها إعظام أهل الدنيا، ثم تزعم أنك تتنزه عنها تنزه أهل الورع، فإن كنت صادقا فارجع إلى بيتك ودع الطمع في مصر والركون إلى الدنيا الفانية، واعلم أن هذه الحرب ما معاوية فيها كعلي عليه السلام، بدأها علي عليه السلام بالحق وانتهى فيها إلى العذر، وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف، وليس أهل العراق فيها كأهل الشام، بايع أهل العراق عليا عليه السلام وهو خير منهم، وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه. ولست أنا وأنت فيها سواء، أرادت الله تعالى، وأردت مصر، وقد عرفت الشيء الذي باعدك مني، ولا أعرف الشيء الذي قربك من معاوية، فإن ترد شرا لا نسبقك إليه، وإن ترد
(٤٣)