وروي أن نصر بن مزاحم قال: لما اشتد الامر وعظم البلاء على أهل الشام قال معاوية لعمرو بن العاص: إن رأس الناس بعد علي عليه السلام لعبد الله بن عباس، فلو كتبت إليه كتابا لعلك تخدعه به، ولعله لو قال شيئا لم يخرج علي منه، وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل إلى العراق إلا بهلاك أهل الشام. فقال عمرو: إن ابن عباس لا يخدع، ولو طمعت فيه لطمعت في علي. قال معاوية: على داك فاكتب. فكتب عمرو إليه: أما بعد، فإن الذي نحن ففيه وأنتم ليس بأول أمر قاده البلاء، وأنت رأس هذا الجمع بعد علي عليه السلام، فانظر فيما بقي ودع ما مضى، فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياء ولا صبرا.
واعلم أن الشام لا تملك إلا بهلاك أهل العراق، وأن العراق لا تملك إلا بهلاك أهل الشام، فما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم، ما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا، ولسنا نقول ليت الحرب عادت، ولكنا نقول ليتها لم تكن، وإن فينا من يكره اللقاء كما أن فيكم من يكرهه، وإنما هو أمير مطاع ومأمور مطيع ومؤتمن مشاور وهو أنت، فأما