فكان من الطبيعي أن يثير هذا التصرف غضب جنگيز فيقرر الانتقام من شاه خوارزم، فأرسل حملة بقيادة ولده اصطدمت بشاه خوارزم وجيشه اصطداما عنيفا استمر القتال فيه ثلاثة أيام بلياليها وبلغ عدد قتلى الخوارزميين عشرين ألف قتيل، وبقي الفريقان صامدين دون أن ينهزم أحدهما، وحين أقبل الليل عزم كل منهما على الانسحاب دون أن يشعر الفريق الآخر بذلك لئلا يتعقبه فيحيل انسحابه هزيمة، ولذلك عمد المغول إلى إيقاد نيرانهم وتركوها منسحبين، وكذلك فعل الخوارزميون.
إذا كان هذا الصدام لم ينته بهزيمة شاه خوارزم العسكرية، فإنه انتهى بهزيمته النفسية. قرر عدم الالتحام بنفسه بالمغول فانسحب بجيشه إلى بخارا ترك فيها عشرين ألفا من هذا الجيش لمعاونة البخاريين في الدفاع عن مدينتهم، وذهب هو ببقية الجيش إلى سمرقند حيث ترك خمسين ألفا، أمر أهل المدينة بجمع الذخائر والمؤن استعدادا للحصار ووعدهم بالعودة إليهم.
ثم مضى إلى خراسان فعبر نهر جيحون ونزل قرب مدينة بلخ حيث اتخذ منها مقرا له. وزحف جنگيز إلى بخارا فلم تصمد أكثر من ثلاثة أيام لفقدان القيادة وانهيار النفوس.
ومن بخارا مضى إلى سمرقند فلم يكن حالها أحسن من حال بخارا، فدخلها جنگيز.
ولا نريد هنا أن نتحدث عن الفظائع التي ارتكبها جنگيز في المدينتين والتي تفوق كل تصور، إذ ليس المجال هنا مجال الحديث عن ذلك.
بعد سمرقند كان هم جنگيز ملاحقة شاه خوارزم، فأرسل إليه عشرين ألف فارس استطاعوا عبور النهر الذي كان يحتمي وراءه، فلم يكادوا يصلون إلى الضفة الثانية حتى ساد الرعب والهلع وانفرط النظام وأصبح هم كل جماعة نفسها، وسلكت كل شرذمة جهة من الجهات أخذت سرع إليها فرارا.
ومضى شاه خوارزم نفسه في شرذمة من تلك الشراذم تضم خواص أصحابه