المؤرخ الكبير المعروف كان ببغداد وقت الحادثة وهو ممن نجا منها، فلماذا يشكك في الأمر ولا يجزم فيه وهو شاهد عيان. هذا إلى جانب كونه أحد الثلاثة الذين أناط بهم نصير الدين الطوسي مسؤولية خزائن كتب بغداد بعد سقوطها.
ولعل هذا الخبر عن كتب بغداد في هذا الكتاب كخبر الآخرين عن إسلام هولاكو قبل موته وبطريقة عجيبة وبمعجزة الرفاعيين. وإخباره عن أبي سعيد آخر سلاطين الإيلخانيين الذي كانت وفاة ابن الساعي قبل ولادته بأكثر من ثلث قرن من الزمان.
ثم إذا لاحظنا ما ذكره صاحب الحوادث الجامعة أيضا وابن شاكر الكتبي وابن كثير والمقريزي عن نقل الطوسي للكثير الكثير من كتب بغداد والعراق إلى الرصد الذي أسسه بمراغة نشعر أيضا بانتقال قسم كبير من كتب بغداد إلى خزانة الرصد المذكور. وبملاحظتنا لما نقله القلقشندي عن أوقاف بغداد بعد سقوطها نستشعر بأن قسما كبير من كتبها - وهو جزء من الأوقاف - لم تعترضه أيدي المغول.
وفي بقاء المدرسة المستنصرية على حالها وسلامتها من أذى الغزو، مع علمنا بأنها كانت تضم خزانة كتب عظيمة فريدة لأمر يجلب الانتباه حقا، ويفيد ببقاء خزانتها على ما كانت عليه قبل الغزو (1).
يتحدثون عن الطوسي لقيت دعوة الطوسي استجابة كبرى لا من العلماء النازحين من مناطق الاحتلال المغولي فقط، بل من غيرهم أيضا، من العلماء العرب وغير العرب الذين لبوا الدعوة فدخلوا إلى مراغة حيث اجتمع هناك علماء من دمشق ومن الموصل ومن قزوين ومن تفليس ومن المغرب ومن سائر البلاد الإسلامية.
ويحسن هنا أن نذكر ما كتبه العالم الدمشقي مؤيد الدين العرضي في مقدمة رسالته التي أنشأها في شرح آلات مرصد مراغة وأدواته والتي توجد منها نسخة خطية في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام في مشهد. والعرضي هذا أحد العلماء العرب الذين لبوا دعوة رسول الطوسي فترك دمشق ومضى إلى مراغة عاملا تحت لواء الطوسي في