الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٥٠
ابن كثير أيضا وقال: " نقل إليه - يعني الرصد - شيئا كثيرا من كتب الأوقاف التي كانت ببغداد " وهناك إشارة عند ابن الفوطي إلى سوق الكتب ببغداد سنة 722 كما أن المدرسة المستنصرية قد نجت أثناء حادثة سقوط بغداد " إذ كانت على وضعها حين وصفها ابن بطوطة سنة 727 مطنبا في تصوير عظمتها. وقد ذكرها حمد الله المستوفي بعد زمن ابن بطوطة باثنتي عشر سنة فقال: " إن بناءها من أجمل المباني الباقية في بغداد يومئذ ". ولدى القلقشندي عن أوقاف بغداد ما يفيدنا في فهم مدى أثر المغول في نظم بغداد بعد سقوطها حيث يقول: " وأوقافها جارية في مجاريها لم تعترضها أيدي العدوان في دولة هولاكو ولا فيما بعدها، بل كل وقف مستمر بيد توليه ومن له الولاية عليه، وإنما نقصت من سوء ولاة أمورها لا من سواها (1).
والأن بعد ما أوردنا من نصوص، لنا أن نناقش الموضوع فنقول: أن أهم المصادر الأولية في موضوعنا هذا هي كتاب رشيد الدين فضل الله الهمذاني ومعجم ابن الفوطي والحوادث الجامعة. فالمصدران الأولان لم يذكرا شيئا عن الكتب بوجه الخصوص، وإنما أشارا إلى القتل والنهب الذين صاحبا الحادثة بوجه عام. في حين أن المصدر الثالث وهو معجم ابن الفوطي ذكر إناطة أمر خزائن كتب بغداد بعد سقوطها بابن أبي الحديد وأخيه موفق الدين وابن الساعي، وذلك بأمر من نصير الدين الطوسي.
وهذا النص يشعرنا ببقاء خزائن كتب بغداد على حالها، وأنها كانت بتصرف نصير الدين الطوسي الذي أمر بتعيين ثلاثة من كباد أدباء ومؤرخي العصر للإشراف عليها وإدارتها. كما أن هذا النص - في الوقت نفسه - يدلنا على مدى التلاعب والتزوير في الكتاب المنسوب لابن الساعي الذي سبق لنا أن نقلنا ما ورد فيه عن مصير كتب بغداد حيث بدأ خبره بالتشكيك بلفظ: (يقال) - بأن المغول بنو اسطبلات الخيول وطولات المعالف بكتب العلماء. في حين أن ابن الساعي وهو

(1) إن نجاة المدرسة المستنصرية وسلامة الأوقاف كان بمساعي الطوسي الذي استطاع إقناع هولاكو بأن يعهد إليه بأمور الأوقاف، كما أشرنا من قبل.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»