الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٤٨
اصطبلات الخيول وطولات المعالف بكتب العلماء عوضا عن اللبن ". ثم ما ورد عن ابن خلدون المتوفى سنة 808 من أن المغول استولوا على قصور الخلفاء وذخائرها " وعلى ما لا يبلغه الوصف ولا يحصره الضبط والعد، وألقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم في دجلة وكانت شيئا لا يعبر عنه ". كما يذكر القلقشندي المتوفى سنة 821 عن خزائن كتب الخلفاء ببغداد عند الغزو المغولي بأنها " ذهبت فيما ذهب وذهبت معالمها وأعفيت آثارها ". ويذكر ابن تغري بردي المتوفى سنة 874 عن كتب بغداد بأنها أحرقت. كما يقول أن المغول " بنو بها جسرا من الطين والماء عوضا عن الآجر ". ويقول: " وقيل غير ذلك ". وهناك نص طريف لمؤرخ مكي توفي سنة 988 أو 991 ه‍ جعل فيه بغداد على الفرات وقال: " ورموا كتب بغداد في الفرات وكانت لكثرتها جسرا يمرون عليها ركبانا ومشاة وتغير لون الماء بمداد الكتابة إلى السواد ".
هذه أهم النصوص التي تدين المغول الذين غزوا بغداد سنة 656 بإتلاف الكتب وخزائنها. وسأناقشها بعد أن أشير بإيجاز إلى المصادر التي سكتت عن مصير الكتب عند سقوط بغداد. وقد يفيد السكوت عدم حصول أي حادث للكتب.
فمن أهم المصادر التي سكتت عن هذه المسألة ما دونه رشيد الدين فضل الله الهمذاني المتوفى سنة 718 والذي يعتبر بحق مؤرخ المغول الأول، فقد سكت في تاريخه عن مصير الكتب، ولكنه ذكر القتل العام والنهب والإحراق والاستيلاء على قصور الخلفاء. كما نلاحظ السكوت أيضا عند اليونيني المتوفى سنة 726 وأبي الفداء المتوفى سنة 732 والذهبي المتوفى سنة 748 وغيرهم من المتأخرين كابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 ه‍.
أما المصادر التي أنارت الطريق للكشف عن المسألة، ففي مقدمتها معجم ابن الفوطي الموسوم بتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب. حيث يذكر لنا هذا المؤرخ البغدادي المعاصر للحوادث التي نحن بصددها في ترجمة عز الدين بن أبي الحديد ما نصه: " ولما أخذت بغداد كان (ابن أبي الحديد) ممن
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»