الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٦٣
ما أثار غضب جنگيز خان فقرر السير إلى خوارزم للانتقام من علاء الدين محمد خوارزم شاه، فما كان من هذا إلا أن تخاذل عن مقاومة جنگيز وأخذ يوزع الحاميات على المدن ويبتعد عن مواجهة جنگيز. وراح جنگيز يكتسح المدن مدينة مدينة مرتكبا فيها فظائع القتل والنهب والإحراق والتدمير حتى انتهى أمر خوارزم شاه فارا إلى أحد جزر بحر الخزر ومات هناك تاركا بلاده لعدوه يدمرها تدميرا.
وكانت دولة خوارزم في عهد علاء الدين أقوى دولة إسلامية في الشرق الإسلامي استطاعت توحيد بلاد ما وراء النهر وإيران وضمت إليها جميع الأراضي التي كانت تابعة من قبل لمملكة الغور، ولكن هذا التوحيد كان توحيدا سطحيا مبنيا على القهر والقتل والعسف..
ولقد بلغت حدودها من فرغانة إلى بحيرة آرال، وصارت الضفة اليمنى لنهر سيحون داخلة في نطاقها، بل خطب باسم خوارزم شاه في عمان البعيدة. وفي سنة 1194 م اتخذ حاضرته في سمرقند بعد أن تخلص من خصمه صاحبها عثمان (1)

(1) يقول (بارتولد) في كتابه (تركستان) - وقوله صحيح -: المصنفات التاريخية التي وضعت من أجل سلاطنة الغور وشاهات خوارزم لم تصل إلى أيدينا، ولهذا فإن معرفتنا بتاريخ هاتين الدولتين يرجع إلى المؤرخين النقليين من أهل القرن الثالث عشر..
إلى أن يقول: أما تاريخ شاهات خوارزم فإنه يشغل شطرا كبيرا من تاريخ (جهان كشاي) للجويني الذي يبدو في هذا المجال كأنه المصدر الوحيد لمير خواند والمؤرخين النقليين من الفرس السابقين له. كل من الجويني وابن الأثير اعتمد فيما يتعلق بشاهات خوارزم على مصنف لأبي الحسن علي بن زيد البيهقي بعنوان (مشارب التجارب وغوارب الغرائب) ووفقا لألفاظ الجويني فإن هذا المصنف يمثل تكملة (لتجارب الأمم) لمسكويه المتوفى سنة 421 (1030 م) وينقل الجويني أيضا عن (جامع العلوم) لفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 ه‍ - 1210 م، الذي وضعه من أجل خوارزم شاه تكش. أما عن التاريخ المبكر لخوارزم فإن مؤلفا ضخما يقع في ثمانين جزأ لأبي محمد محمود العباسي الخوارزمي المتوفى سنة (568 - 1172 م) عالج فيه الكلام على خوارزم وأهلها وقد اختصره الذهبي (القرن الرابع عشر). وفي صدد شاهات خوارزم يشير حاجي خليفة إلى كتاب من تأليف سيد صدر الدين بعنوان (تاريخ خوارزم شاهي). وثمة مصدر بالغ الأهمية بالنسبة لتاريخ فترة شاهات خوارزم يتمثل في مجموعتين من الرسائل الرسمية لا تحمل الأولى منهما أي عنوان وهي محفوظة في مخطوطة فريدة كانت توجد في الماضي بقسم دراسات اللغات الشرقية التابع لوزارة الخارجية الروسية. والغالبية العظمى من رسائل هذه المجموعة بقلم منتجب الدين بديع كاتب السلطان سنجر. ومن بينها مكتوب غاية في الطرافة بعث به خوارزم شاه إيل أرسلان إلى حكومة الخليفة العباسي وهو من تحرير الشاعر الوطواط المتوفى سنة 578 - (1182 م). أما المجموعة الثانية التي تحمل اسم (التوسل إلى الترسل) فهي من تحرير بهاء الدين محمد بن مؤيد البغدادي الذي كان في خدمة خوارزم شاه تكش.
وقد وضع محمد بن نجيب بكران من أجل خوارزم شاه محمد (1200 - 1220 م) مصنفا بالفارسية بعنوان (جهان نامه) وعلى ما نعلم فإن هذا الأثر محفوظ في مخطوطتين فقط، وهو يحتوي على معلومات طريفة في جغرافيا ما وراء النهر وتاريخ الفراخطاي.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»