جمع نصير الدين الطوسي إلى العلم الواسع العقل الكبير، فتريك سيرته رجلا من أفذاذ الرجال لا يمر مثله كل يوم. وتشاء الأقدار أن تعده لمهمة لا ينهض لها إلا من اجتمعت له مثل صفاته: علم وعقل وتدبير وبعد نظر، فكان رجل الساعة في العالم الإسلامي، هذا العالم الذي كان مثخنا بالجراح.
كانت مهمة الطوسي من أشق المهمات، وكانت أزمته النفسية من أوجع ما يصاب به الرجال، فإنه وهو العالم الكبير ذو الشهرة المدوية بين المسلمين، يرى نفسه فجأة في قبضة عدو المسلمين، ويرى هذا العدو مصرا على أن يبقيه في جانبه ويسيره في ركابه. وإلى أين يمشي هذا الركاب؟ إنه يمشي لغزو الإسلام في دياره والقضاء عليه في معاقله، فهل من محنة تعدل هذه المحنة؟