وجهه يطلب الملجأ الأمين فوجده في قلاع الإسماعيلية الحصينة (1)، تلك القلاع التي صمدت وحدها لجنكيز خان، فظل حقد المغول مضطرما على الإسماعيليين إلى أن استطاعوا الثأر منهم في عهد هولاكو حفيد جنكيز خان.
ولم يكن نصير الدين وحده الذي احتمى بهذه القلاع، بل لقد لجأ إليها كثير ممن استطاعوا الفرار والنجاة.
وعندما تقدم المغول في غزوهم الثاني، وأعاد هولاكو سيرة جده، كانت الحملة هذه المرة من القوة بحيث هابتها القلاع الإسماعيلية فلم تستطع لها صدا، ونزل الأمير الإسماعيلي ركن الدين خورشاه على حكم المغول، فكان حكمهم قتله وقتل أعوانه ومن لجأ إليه، واستثنوا من ذلك ثلاثة رجال كانت شهرتهم العلمية قد بلغت هولاكو فأمر بالإبقاء عليهم، ولم يكن هذا الإبقاء حبا للعلم وتقديرا لرجاله، بل لأن هولاكو كان بحاجة إلى ما اختص به هؤلاء الثلاثة من معارف، فاثنان منهم كانا طبيبين هما موفق الدولة ورئيس الدولة، والثالث كان مشهورا باختصاصه في أكثر من علم واحد هو نصير الدين الطوسي، وكان مما اختص به: علم الفلك، وكان هولاكو مقدرا لهذا العلم تقدير حاجة لا محض تقدير، مؤمنا بفائدته له. لذلك رأيناه بعد ذلك يعني بإنشاء مرصد " مراغة " ويوفر له كل ما يستدعي نموه وتقدمه... (2).