وكان بعضها مكللا بالثلوج. وكنا نسير باتجاه الغرب في سهول مديدة، والجبال تسايرنا فتنخفض حينا وترتفع أحيانا، وكانت تبدو وكأنها سلاسل لا سلسلة واحدة، ما انخفض منها هو السلسلة الأولى، وما تعالى هو سلسلة أخرى، الله أعلم ما وراءها. وقد علمنا نحن بعد ذلك الشئ الكثير عن هذا (الوراء) كما سنقص على القارئ فيما يلي من القول.
بعد ثلاثين دقيقة كنا نمر بأطراف مدينة (كرج) التي كانت تمتد عرضا حتى تتصل بسفوح جبال ألبرز، هذه الجبال التي كان قد انتهى المنخفض منها، ولم يبق أمام أبصارنا إلا الشاهق السامق.
وكنا نسير بعد (كرج) في سهول قاحلة مع أننا في عز الربيع، ويبدو أنها سهول صحراوية لا تنبت، وهكذا يتجاور هنا الضدان: الصحراء والجبال، ضدان تجمع بينهما الجدوبة!..
ثم بدت الأشجار إلى يمين الطريق وطلع الإخصاب وظهر العمران، وتجلت الحياة العملية عن معمل للإسمنت من أكبر معامل الشرق الأوسط، تمده جبان ألبرز بما لا ينتهي مما يغذيه من حجر ومدر!.. ويتصل المعمل ببلدة (آب يك) التي بدت لأنظارنا في عرض السهل الواسع...
بعد تسعين دقيقة كنا نمر بمعسكر كبير إلى يسارنا تتعالى في طرفه عمائر عالية هي مساكن الضباط، وكنا قد صرنا في سهول قزوين على بعد 35 كيلو مترا من المدينة.
وهذه السهول مملوءة بمزارع الدجاج التي التي تنتج ما يقرب من ثلث منتجات إيران كلها، ثم هي أيضا مزارع للبقر والماعز والغنم مما يعطي كل يوم 45 طنا من الحليب ومقادير كبيرة من اللحوم.
وعلى بعد 25 كيلو مترا من قزوين يشاد معمل ضخم للكهرباء رأينا معالمه واضحة، ثم بدت إلى يميننا بلدة (كوندج) ثم قرية (حصار). ثم المدينة التي تشاد حديثنا باسم (زيبا شهر) وهي مدينة للعمال الذين يعملون في مدينة (شهر صنعتي