الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٨٤
بأشجار بساتينها المزهرة. ثم كان إلى يميننا أودية هائلة، وتابعنا الانحدار المتواصل، فشاهدنا قطعانا من الغنم والماعز في مراعيها، ورأينا فلاحا على حماره صاعدا في طريق الجبل كما رأينا أرضا محروثة.
أما إلى الوراء فعندما تلفتنا إلى ما كنا فيه مما ننحدر عنه الآن، فقد رأينا أن ما خلفناه وراءنا موغلين في الانحدار، كان جبالا هائلة رهيبة!.
ثم بدت أمامنا في السفوح البعيدة بعض القرى. كل ذلك ونحن ننحدر هابطين وقد أحاط بنا بساط أخضر.
إن الذي أمامنا والذي وراءنا: جبال ووديان وشعاب وتلال وثنايا من أعجب وأروع ما خلق الله في الطبيعة.
هذه قرية (سياه دشت) تبدو في حضن الوادي الذي صرنا على حافته، وتقوم على ضفة نهر (شاهرود) الذي عبرناه على جسر حديدي واصلين إلى القرية.
نحن الآن في قلب الوادي الذي هو سهل واسع بين السلسلتين الرهيبتين، لقد هبطنا من السلسلة الأولى وأخذنا نصعد في السلسلة المقابلة.
وإذا كنت أقول: سلسلتان، فلا يعني أنهما سلسلتان وحيدتان.
إن الجبال هنا سلاسل وراء سلاسل.. وراء سلاسل: إلى ما يمكن أن تعيه وتدركه.
بدأنا الصعود في أرض جرداء، وتلفتنا إلى الوراء فرأينا ما جعلنا نكاد لا نصدق أننا كنا هناك في تلك الجبال الثلجية المرعبة، وأننا هبطا منها لنواجه ما هو أشد إرعابا!..
كان الصعود أول الأمر غير شاق مضينا فيه بين اخضرار من حولنا، ثم عدنا إلى الانحدار الطويل البعيد الغور حتى صرنا في واد ضيق يجري فيه نهر (أوان) الذي هو من روافد نهر شاهرود، وعبرناه على جسر لنعود إلى الصعود من جديد،
(١٨٤)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»