وأن (القديس) لويس التاسع الذي رأى في التحالف مع الوثنية أمرا مشروعا فمد يده إليها للتناصر والتعاضد ضد التوحيد، لم يكن فقط مجردا من الروح الإنسانية الرفيعة والعاطفة الدينية الصادقة اللتين تأبيان الاستعانة بالشرك على الوحدانية وتفضيل عبادة الأصنام على عبادة الله الواحد الأحد - لم يكن مجردا من ذلك فحسب - بل كان غيبا كل الغباء حين حسب أن المغول سيسلمونه بلاد المسلمين، وأنه سينال منهم ما يبغيه صفوا عفوا!.
وسنرى فيما يلي ما يوضح لنا حقيقة النوايا المغولية، وما كانوا يعتزمونه لو قدر لهم الظفر النهائي ولم ينهزموا في عين جالوت.
الزحف المغولي: بعد أن أصدر منكوقا آن تعليماته إلى هولاكو وحدد له المناطق التي عليه اكتساحها، وقبل أن تبدأ الحملة زحفها أرسل منكوقا آن خبراء الطرق ليكشفوا على الطريق الذي ستسلكه حملة هولاكو في مرحلتها الأولى من قراقورم حتى شاطئ نهر جيحون، وليقيموا الجسور على الأنهار والمجاري.
وحدد لكل جندي مائة من الدقيق وقربة من النبيذ، وأوصى هولاكو بما يلي:
" حافظ على تقاليد جنگيز وقوانينه في الكليات والجزئيات، وخص كل من يطيع أوامرك ويجتنب نواهيك في الرقعة الممتدة من جيحون حتى أقاصي مصر بلطفك وبأنواع عطفك وإنعامك. أما من يعصيك فأغرقه في الذلة والمهانة مع نسائه وأبنائه وأقاربه وكل ما يتعلق به " إلى آخر ما جاء في الوصية...
وفي شهر ذي الحجة سنة (650 ه - 1252 م) قصد هولاكو معسكره يتهيأ ويستعد وينظم أموره. وبعد سنة كاملة أي في شهر ذي الحجة سنة 651 ه كان قد أتم تدارك حاجاته فمشى زاحفا بجيوشه الجرارة.
وقبل أن يسير كان قد عهد إلى حكام الولايات التي يجتازها بأن يعدوا المأكل والمشرب للجنود وأن يمهدوا من الطرق ما يحتاج إلى التمهيد وأن يعدوا السفن لعبور الأنهار. وكان كلما اجتاز بولاية ينضم إليه ما أعدته من جنود وفي صيف سنة 652 ه كان يعسكر في تركستان وما وراء النهر. وفي شهر