الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٥٣
اليوم أسماؤها فلا نستطيع تحديد مواقعها تمام التحديد.
أما الحملة الثانية المتجهة إلى الغرب فقد عهد بقيادتها إلى أخيه الآخر هولاكو وحدد له مهمته، وهي الوصول إلى مصر بعد اجتياز إيران والعراق والشام، وكذلك اكتساح بلاد الروم والأرمن.
هنا تبدأ الحقائق بالتكشف فملك كيليكيا الأرمني (هيتوم) الذي قصد بنفسه إلى قراقورم واضعا قواه بتصرف منكوقا آن لينقض الجميع على العالم الإسلامي، والذي تغاضى عن أفاعيل المغول السابقة في غير المسلمين في آسيا الصغرى، وعاد يعرض عليهم اليوم التحالف معهم لمحاربة المسلمين.
هيتوم ملك كيليكيا هذا الذي غلبت صليبيته على عقله، وغطى تعصبه على بصيرته فأعماها عن الحقائق، فم تعد ترى أمامها إلا عداوتها للإسلام، هيتوم الذي لم يعد يبصر الدماء المسيحية التي أراقها المغول في الكرج بجبال القبق، وسفحوها في الأرمن أنفسهم في سهول الأناضول.. هيتوم هذا الذي لم يعد يرى شيئا من ذلك، وكل ما كان يراه هو الإسلام والمسلمون وما يحمله قلبه من حقد عليهما، فذهب إلى قراقورم يدعو المغول للسير معه شاهرين السيوف صفا واحدا يقتحم ديار الإسلام، فاستقبل بالترحيب والترغيب فازداد عتوا وعاد إلى كيليكيا بالأمل الضخم في تحقيق أهدافه الصليبية، هيتوم هذا لم يكن يعلم أنه مخدوع، وأن وراء تلك الابتسامات المتألقة على وجه (منكو) يكمن العزم على التهامة والتهام قومه، وأن المخطط يعد فقرة فقرة، وأن إحدى فقراته تقضي باكتساح بلاد الأرمن!.
بعد عن الإنسانية وغباء: ومن الأوامر التي صدرت من (منكو) إلى أخيه (هولاكو)، ومن تحديد مهمة هولاكو ومنها فتح بلاد الأرمن نضع يدنا على الدليل الأول على أن المغول لم يكونوا أبدا يريدون التحالف مع الصليبيين واقتسام البلاد الإسلامية بينهم بل كانوا يريدون طرد الصليبيين من بلاد الشام والحلول محلهم، وأكثر من ذلك: كانوا ينوون عدم الاكتفاء بهذا بل احتلال البلاد المسيحية نفسها في أرمينيا..
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»