الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٥٥
شعبان من سنة (653 ه‍ - 1255 م) كان ينزل على مراعي سمرقند فأمضى هناك ما يقرب من أربعين يوما منصرفا للشراب. ثم رحل حتى نزل عند حدود (كش) فأقام فيها مدة شهر. ثم استأنف زحفه حتى وصل إلى نهر جيحون.
وبذلك قطع المرحلة الأولى ووقف يتهيأ ليخطو أولى خطواته العملية في طريق رحلته الطويل. فأمر بتوقف حركة النقل في النهر الكبير ونصب عليه جسرا عبرت عليه قواته في غرة ذي الحجة سنة (653 ه‍ - 1255 م). وفي اليوم التالي كان ينزل في مراعي (شبورقان) من توابع بلخ ففاجأته هناك الأمطار والثلوج واستمرت سبعة أيام فهلك الكثير من دوابه بردا. فقرر تمضية الشتاء هناك عاكفا على اللهو والطرب والاستمتاع.
وقبل أن يعبر نهر جيحون سبقته مقدمة مهدت له الطريق وعملت أول ما عملت على حصار قلاع الإسماعيليين النزاريين التي انتهى أمرها بالتسليم مما ليس هنا مكان تفصيله. وبالقضاء على الإسماعيليين النزاريين ودولتهم انتهت المهمة الأولى لهولاكو، وصفت له القلاع والبلاد.
وضوح نوايا المغول: فضلا عن الحملة الكبرى التي كانت بقيادته فإن هولاكو كان قد أرسل حملات أخرى سبقته في التغلغل في غير الطرق التي سيسلكها، فمن ذلك أنه كان قد أرسل قائدا من قواده اسمه (بايجونويان) لتنفيذ خطة حربية تقضي حتى بالوصول إلى بغداد. وبينما هو يتهيأ لاجتياز نهر جيحون عاد إليه القائد قادما من حدود آذربيجان، دون أن يتمكن من إنفاذ ما أمره هولاكو بإنفاذه لأنه رأى أن قواه أقل من أن تستطيع تحقيق المهمة التي عهد إليه بتحقيقها.
ولما وصل إلى هولاكو ألفاه غاضبا عليه لرجوعه عاجزا عن تحقيق الهدف المقصود. فاعتذر القائد قائلا: إني لم أقصر وإنما بذلت كل ما في مقدوري، فقد أخضعت الأقاليم الممتدة من باب الري حتى حدود الروم والشام ما عدا بغداد.. ".
فقال هولاكو: " يجب أن تعود لكي تستولي على تلك الولاية حتى شاطئ البحر من يد أبناء الفرنج والكفار ".
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»