الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٥٧
على أن ما يوضح الأمر هو ما ذكره قبل ذلك في جامع التواريخ نفسه من أن منكوقا آن قد حدد مهمة هولاكو، وهي فتح غرب إيران والشام ومصر وبلاد الروم والأرمن.
إذن المقصود بالكفار هم الأرمن.. وكما كان لويس التاسع يترقب الزحف المغولي مستبشرا، كان هيتوم ملك الأرمن يباريه في الاستبشار!..
كان في أقصى درجات الاستبشار بدنو الطلائع المغولية في بلاده، في نفس الوقت الذي كان فيه هولاكو ينعته وقومه بالكفار ويأمر قائده بأن يزحف لإعادة هؤلاء الكفار إلى الإيمان بالوثنية!..
وهكذا يصح ما قلناه من أن المغول لم يفكروا أبدا بالتحالف مع الصليبيين، بل كانوا من الاعتداد بقوتهم ما يرون معه أنهم ليسوا بحاجة لحليف يقويهم، بل يرون أنهم قادرون على التغلب على المسلمين والصليبيين معا.
لقد كان في نيتهم النفاذ إلى البحر المتوسط وإزاحة الصليبيين عما كانوا لا يزالون يحتلونه من بلاد الشام. وفكرة التحالف معهم لم تكن واردة آنذاك، ولم تكن مسايرتهم للصليبيين أول الأمر إلا من قبيل كسب الوقت.
ويبدو أن المغول أخروا الصدام بالصليبيين في سواحل الشام إلى ما بعد احتلال مصر. وأن عودة هولاكو إلى بلاده وفشلهم في احتلال مصر قلبا خططهم.
ويظهر أن هذه النوايا لم يكن يمكن أن تظل خافية على الصليبيين فجعلت بارونات عكا لا يخفون نقمتهم على المغول ناظرين إليهم كبرابرة.
الآن أصبح المغول برابرة!. الآن بعد أن يئس الصليبيون من استدراج المغول إلى صفهم ليعاونوهم على القضاء على المسلمين، الآن أصبحوا برابرة..
أما يكون كان لويس التاسع وهيتوم يوفدان إليهم الرسل أو يذهبان إليهم بنفسيهما للتعاون معهم فلم يكونوا برابرة، بل كانوا أحلافا طيبين وأصدقاء خيرين!.
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»