الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١٠٤
ومن البديهي أن لا يكون جلال الدين حسن قد استطاع استئصال جذور الانحراف، وأن يظل للانحراف أتباعه الآخذون به شأن جميع الدعوات في كل زمان ومكان، مهما عمل العاملون على محاربتها واضطهاد أتباعها.
على أن أمر دولة هؤلاء النزاريين لم يطل كثيرا بعد جلال الدين حسن، فقد توفي جلال الدين سنة (618 ه‍ - 1225 م) وتولى بعده ابنه علاء الدين محمد الذي توفي سنة (653 ه‍ - 1260 م)، فتلاه ابنه ركن الدين خورشاه وهو الذي انتهى به ملك النزاريين بعد أن قتله هولاكو سنة (654 ه‍ - 1261 م).
على أن الدولة إذا كانت قد انتهت فإن من أخذوا بأقوال الحسن الثاني بن محمد وانحرافه لم ينتهوا، بل ظل للدعوة من يحملها من جيل إلى جيل حتى هذا الجيل وهم اليوم أتباع آغاخان، وظلوا هم وحدهم منفردين باسم " الإسماعيليين " بعد أن تبرأ من هذا الاسم من ورثوا أصحابه الحقيقيين وتسموا باسم البهرة كما مر.
ولكن إذا استطاع من عايشوا الحسن الثاني ين محمد ومن أتوا بعده من عصر إلى عصر حتى هذا العصر أن يتبرؤوا من الاسم الإسماعيلي بعد أن صار إلى ما صار إليه، فلم يكن باستطاعة أصحابه الأولين الذين حملوه حين كان نقيا صافيا، منبثقا عن الإسلام وقواعده أصولا وفروعا، ثم ماتوا وهو على نقائه وصفائه - لم يكن باستطاعتهم بعد أن طوتهم القبور أن يتبرؤوا منه ومن حامليه.
من هنا استغل المستغلون ما جرى، ورأوا أنه ما دام الفاطميون ينتسبون إلى إسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام فهم إسماعيليون نسبا ومذهبا، وهم كانوا يعلنون ذلك لأن ليس في إعلانه ما يضيرهم ما داموا من أعرق الناس إسلاما وإيمانا - ما دام الفاطميون إسماعيليين، وما دام أتباع الحسن الثاني بن محمد بن بزرك أميد يسمون أنفسهم إسماعيليين، إذن فليلصقوا بالأولين عقائد الآخرين وليشنعوا عليهم. وهكذا كان من ذلك اليوم حتى اليوم.
وجاء قوم لم يكونوا ذوي نوايا سيئة ولكن رأوا أمامهم ما سطره أصحاب
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»