الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ١١٢
التنظيم على غاية من حسن الإعداد ودقة التنفيذ والتحلي بالشجاعة والاستعداد للتضحية بالنفس.
وقد أعدته القيادة النزارية لترويع أعدائها والدفاع عن نفسها، وقد رأينا مثالا لذلك في بلاد الشام في اغتيال القائد الفرنجي الصليبي (المركيس) (1).
ولشدة ما عانى الصليبيون منهم فإن شهرتهم بذلك قد وصلت إلى أوروبا نفسها، فعندما عزم (فيليب السادس) ملك فرنسا على إرسال حملة صليبية جديدة إلى بلاد الشام سنة (733 ه‍ - 1332 م) لم يخف الراهب الألماني (بروكارديوس) رعبه من فدائيي النزاريين، فصورهم بأروع صورة حاول فيها لشدة ذعره منهم أن يصفهم بصفات سيئة، هي تعبير عن الهلع المسيطر عليه وعلى غيره من الصليبيين من فعلاتهم بهم.
قال بروكارديوس مخاطبا الملك فيليب:
"... أنا أسمي بين هذه المخاطر أولئك الذين ينبغي لعنهم والفرار منهم لأنهم باعوا أنفسهم وهم عطاش للدماء البشرية يقتلون البرئ لقاء الثمن، ولا يكترثون من أجل حياة أو إخلاص، وهم كالشيطان يحولون أنفسهم إلى صورة ملائكة النور، وذلك بتقليد حركات الشعوب والأقوام المختلفة وملابسهم ولغاتهم وعاداتهم وأفعالهم هكذا تصادفهم متخفين في ثياب الشياه. فعليك أن تذيقهم الموت في اللحظة التي يميزون بها. إنما عرفت هذا عنهم بما تواتر حولهم، أو بالكتابات الصادقة. لا يمكنني أن أبوح أكثر من هذا، ولا أن أقدم معلومات أوفى... " (2).
أما عن فعلاتهم في غير الصليبيين، وفيمن ناوأهم فقد كان معظمها في غير

(1) يقول أحمد الجندي في كتابه (لهو الأيام) ص 34: وقد برز الإسماعيليون في حربهم ضد الصليبيين وخاصة في اعتمادهم على الاغتيالات التي تناولت الأمراء حتى يقال (في أوساطهم) إلى الآن إذا برع أحد في عمل من الأعمال: " لقد أتى برأس البرنس " لأن الإسماعيليين كانوا يأتون برؤوس البرنسات (الأمراء) إلى مدنهم بعد قتلهم.
(2) كتاب (الحشاشون) لبرنارد لويس وترجمة محمد العزب.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»