الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٠٠
فلما جاء زوجها وعرف الحال أوجعها ضربا.. ثم مضت الأيام فأضرت بها الحال فرحلت حتى اجتازت بالمدينة، فبصر بها الحسن عليه السلام فأمر لها بألف شاة، وأعطاها ألف دينار، وبعث معها رسولا إلى الحسين عليه السلام فأعطاها مثل ذلك، ثم بعثها إلى عبد الله بن جعفر فأعطاها مثل ذلك (1).
وروي أن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسين عليه السلام الحمد، فلما قرأها على أبيه أعطاه (أي أعطى الحسين عبد الرحمن السلمي) ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك فقال: وأين يقع هذا من عطائه (2) - يعني تعليمه لولده - وفي رواية، أنه عليه السلام قال: أين يقع هذا من حقه (3). فقد كان سلام الله عليه أشد الناس وأحرصهم على مراعاة الحقوق، وإكرام أهل المعروف حتى غطى فضله فضلهم، وجاد بما لا يتوقع، إذ تجاوز المثل، وفاق المكافأة.
قال أنس بن مالك: كنت عند الحسين عليه السلام، فدخلت عليه جارية فحيته بطاق ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله. يقول أنس: فقلت له:
تجيئك بطاقة ريحان لا خطر لها (4) فتعتقها؟! قال: كذا أدبنا الله، قال الله:
* (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها..) *، وكان أحسن منها عتقها (5). وأين العتق من طاقة ريحان؟! لكنه الحسين رجل الكرم والتكريم، وصاحب العطاء والمكافأة، وقد أبت نفسه الزكية أن يكافئ هذه

١ - المناقب ج ٤.
٢ - نفسه: ٦٦.
٣ - الخصائص الحسينية: ٢١.
٤ - أي: لا قيمة لها.
٥ - كشف الغمة ٢: ٢٠٦. والفصول المهمة: 159. ووسيلة المآل، لابن كثير الحضرمي: 183، والآية في سورة النساء: 86.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست