الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ١٠٢
وبعد أن أحطنا بالرواية على نصوصها الثلاثة تعالوا نتصورها ونتصور ما فيها من المعاني الكريمة فهي:
أولا: حكت تواضع الإمام الحسين عليه السلام إذ نزل وقد كان راكبا، واستجاب لمساكين فقراء، أو لصبيان كانوا جالسين، وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله إنه إمام، وسيد شباب أهل الجنة. ومن لا يعرف الإمام الحسين سلام الله عليه وهو ابن الشرف الأسمى؟! ولكنه سرعان ما استجاب لمساكين أو صبيان كانوا مغمورين بين الناس.
وثانيا: حكت الروايات الثلاث رحمة الإمام الحسين بالفقراء والمساكين، وحبه لهم، فما كان منه بعد أن رآهم على تلك الحال حتى بادر إلى رفع الحرج عنهم، وإغداقهم بالعطاء الوافر.
وثالثا: باستجابته عليه السلام لهم يكون قد داري حياءهم، حيث رأوه..
فكان لا بد أن يدعوه على كساء نثرت عليه كسرات خبز. فلكي لا يحرجوا كان ما أسرع أن لبى دعوتهم بتواضعه، فلم يشعروا بثلمة في شخصيتهم، أو حرمان في حياتهم، وكيف يشعرون بذلك وقد جالسهم ريحانة المصطفى صلى الله عليه وآله وأكل معهم، وكأنه واحد منهم؟!
ورابعا: كانت استجابته سلام الله عليه لدعوتهم مقدمة وعذرا لإكرامهم، فقد حفظ عليهم ماء وجوههم بأن لبى دعوتهم، حيث رأوا أنفسهم قد أطعموه، فلم يتحرجوا بعد ذلك أن يستجيبوا لدعوته، ويقبلوا عطاءه. فلو لم يستجب لهم لما سمح لهم حياؤهم بأن يستجيبوا له.. وهكذا التمس لهم العذر باستجابتهم بأن استجاب لهم.
فشجعهم على قبول عطائه حين قبل عطاءهم.. وهذه خصلة السخي، قال
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست