الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٩٩
الذي قدم لهم.. ففي قوله تعالى * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) * قال الإمام الكاظم عليه السلام: جرت في المؤمن والكافر، والبر والفاجر، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء (1).
وفي وصايا أمير المؤمنين عليه السلام وحكمه: إذا حييت بتحية فحي بأحسن منها، وإذا أسديت إليك يد فكافئها بما يربي عليها، والفضل مع ذلك للبادئ (2).
وبما أن أهل البيت عليهم السلام هم أكثر الناس حياء وعزة وإباء وكرامة، فقد بادروا إلى مكافأة أهل المعروف بما يربي ويغطي عليه، سموا من عند أنفسهم، وتشجيعا للإحسان وحسن الصنيعة، وإكراما لأهل الفضل والخير.
وقد عرف الكرم الحسيني فيما عرف به، بالمكافأة إليه، حتى لم يطق بعضهم ذلك فسأل الإمام الحسين عليه السلام عن ذلك مستغربا.
روى أبو جعفر المدائني في حديث طويل: خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر حجاجا ففاتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا فرأوا في بعض الشعاب خباء رثا وعجوزا فاستسقوها، فقالت: اطلبوا هذه الشويهة. ففعلوا، واستطعموها فقالت: ليس إلا هي، فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما. فذبحها أحدهم ثم شوت لهم من لحمها فأكلوا وقيلوا عندها، فلما نهضوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا انصرفنا وعدنا فالممي بنا فإنا صانعون بك خيرا. ثم رحلوا.

١ - تحف العقول: ٢٩١.
2 - نهج البلاغة: الحكمة 62.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست