الناس عامة (1)، فيكون عفوه عن إساءات الناس صدقة له عليهم.
ومن هنا نفهم أن القول هو من الفعل، وإلا لما حرم الله تعالى الغيبة والنميمة والكذب والبذاء.. وهي أقوال، ولما قال النبي الهادي صلى الله عليه وآله: إن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه (2)، ولما قال أيضا: من لم يحسب كلامه من عمله كثرت خطاياه، وحضر عذابه (3).
إذن: فإن الكرم والغيرة والعفو من الأخلاق، إذ هي أفعال ومواقف، والدعوة إليها باللسان والتشويق لها والتشجيع عليها كذلك من الأخلاق. ومن هنا رأينا أهل البيت سلام الله عليهم لم يكتفوا بدعوة الأمة إلى الأخلاق الفاضلة من خلال أفعالهم وسيرتهم، إنما واصلوا ذلك من خلال وصاياهم وحكمهم وإرشاداتهم، وتوجيهاتهم ومواعظهم.. وهذا أيضا من الأخلاق الفاضلة، لأن الدعوة إلى الأخلاق هي من الأخلاق بل هي كرم، لقول الإمام علي " عليه السلام " في غرر الحكم: النصيحة من أخلاق الكرام)، فالقول كالفعل، تترتب عليه الآثار: طيبة حميدة، أو سيئة مذمومة. كالسرقة والكذب كلاهما مخربان للمجتمع، وإن كانت السرقة عملا، والكذب قولا. وكالصدقة والسلام كلاهما ينشران المحبة في المجتمع، وإن كانت الصدقة فعلا، والسلام كلاما.
وهنا نسأل: أليست مواعظ الإمام الحسين سلام الله عليه تنم عن: شفقة الحسين صلوات الله عليه على الأمة، ورأفته بالمؤمنين، ورحمته بالناس، وحرصه عليهم أن يسلكوا سبيل الهداية والخير والفضيلة والسلام، ويتجنبوا