فرغم شراسة الأعداء والحروب لم تبلغ قتلى الطرفين ألف قتيل!! وما ذلك إلا بسبب أن إدارة الرسول صلى الله عليه وآله كانت من ربه عز وجل..
كان القرآن يتنزل عليه باستمرار من أول بعثته إلى قرب وفاته، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيه دائما، بآيات قرآن، أو وحي غير القرآن، وأوامر وتوجيهات، وأجوبة... إلخ .
وما أكثر الأمثلة في سيرته صلى الله عليه وآله على ذلك، فهي مليئة بالتدخل الإلهي والرعاية في كبير أموره وصغيرها.. وهي تدل على أنه صلى الله عليه وآله ما كان يتصرف من عند نفسه إلا في تطبيق الخطوط العامة التي أوحيت إليه أو تنفيذ الأوامر التفصيلية التي بلغه إياها جبرئيل عليه السلام.. وكثيرا ما كان يتوقف عن العمل، ينتظر الوحي!
وقد ورد أنه صلى الله عليه وآله قال: أوتيت الكتاب ومثله معه، أي ما كان جبريل يأتيه به من السنن (الإيضاح / 215)، وأن جبريل كان ينزل عليه بالسنة كما ينزل بالقرآن ( الدارمي: 1 / 145).
وهذه التوجيهات شملت حله وترحاله، ورضاه وغضبه صلى الله عليه وآله بل شملت حتى أموره الشخصية، من زواجه وطلاقه، ولباسه وطعامه، ونومه ويقظته، ووضوئه وسواكه، فضلا عن عطائه ومنعه، وحبه وبغضه..
روي في الكافي: 4 / 39، عن الإمام الصادق عليه السلام قصة شخص كافر جاء يحاج النبي صلى الله عليه وآله ويكذبه ويؤذيه ويتهدده، قال: فغضب النبي صلى الله عليه وآله حتى التوى عرق الغضب بين عينيه، وتربد وجهه وأطرق إلى الأرض، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: ربك يقرؤك السلام ويقول لك: هذا رجل سخي يطعم الطعام. فسكن عن النبي صلى الله عليه وآله الغضب ورفع رأسه، وقال له:
لولا أن جبرئيل أخبرني عن الله عز وجل أنك سخي تطعم الطعام، لشردت بك، وجعلتك حديثا لمن خلفك!
فقال له الرجل: وإن ربك ليحب السخاء؟
فقال: نعم.
فقال: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والذي بعثك بالحق لا رددت من مالي