روت مصادرنا مناقشة غريبة لأحدهم مع النبي صلى الله عليه وآله في المدينة، وسمته النضر بن الحارث الفهري، ويحتمل أن تكون كلمة الفهري تصحيف العبدري، نسبة إلى بني عبد الدار ، والنضر تصحيف النضير.. وإذا صحت نسبتها إليه، فتكون صدرت منه في المدينة بعد حجة الوداع. وقد تقدمت من كتاب مدينة المعاجز للبحراني: 2 / 267، وفيها:
(أقبل النضر بن الحارث فسلم على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إذا كنت أنت سيد ولد آدم، وأخوك سيد العرب، وابنتك فاطمة سيدة نساء العالمين، وابناك الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، وعمك حمزة سيد الشهداء، وابن عمك ذا الجناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء، وعمك جلدة بين عينيك وصنو أبيك، وشيبة له السدانة.
. فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب؟! فقد أعلمتنا في بدء الإسلام أنا إذا آمنا بما تقول لنا ما لك وعلينا ما عليك.
فأطرق رسول الله صلى الله عليه وآله طويلا، ثم رفع رأسه فقال: أما أنا والله ما فعلت بهم هذا، بل الله فعل بهم هذا، فما ذنبي؟!...
فوعظه النبي صلى الله عليه وآله وقال له: إن ربك كريم، فإن أنت صبرت وتصابرت، لم يخلك من مواهبه، فارض وسلم، فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره، ويخفف عمن يشاء ، وله الخلق والأمر، مواهبه عظيمة، وإحسانه واسع. فأبى الحارث). انتهى.
وقد نص ابن هشام: 2 / 488، على أن النضير هذا يسمى الحارث أيضا باسم أبيه، وسماه اليعقوبي في تاريخه: 2 / 63 (الحارث بن الحارث بن كلدة)، وهو أمر يوجب الشك، لأنه يستغرب أن يكون لشخص اسمان معا، خاصة إذا كان أحدهما باسم أبيه، لأن العوائل المالكة في القبائل تحترم اسم الأب ولا تغيره إلى اسم آخر، ولا تضيف معه اسما آخر، لأنه يضعف مكانته! وهذا يفتح باب الاحتمال أن يكون الحارث أخاهم الثالث، وأن يكون هو الذي ورد اسمه في بعض الروايات أنه اعترض على النبي صلى الله عليه وآله لإعلانه ولاية علي والحسنين من بعده عليهم السلام، فرماه الله بصاعقة أو حجر من سجيل! وبذلك يكون العذاب الواقع نزل بثلاثة أشخاص من هذه الأسرة: الأب في بدر، وولده جابر الذي نص عليه أبو عبيد، والحارث هذا.. ويكون اسم عشيرة العذاب الواقع، مثلث الانطباق على هذه القبيلة!!
كما يحتمل أن يكون صاحبنا النضير بن الحارث، أو الحارث بن الحارث العبدري، هو الحارث