، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما ترى إلا آثار أصابعهم!
والله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.
ثم قال: إسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا! وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله! فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال: لقد سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما كان الغد قال: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أحدا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا؟
فقلت وأنا أحدثهم سنا: إنه أنا، فقام القوم يضحكون). انتهى.
ثم رواها السيوطي بسند آخر عن ابن مردويه عن البراء بن عازب، قال: (لما نزلت هذه الآية: وأنذر عشيرتك الأقربين، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا...) إلخ..
ولكن السيوطي بتر الحديث هنا، ولم يذكر بقية كلام النبي صلى الله عليه وآله.. وهو أسلوب دأب رواة خلافة قريش على ارتكابه في حديث الدار، لأن بقية الحديث تقول إن الله أمر رسوله من ذلك اليوم أن يختار وزيره وخليفته من عشيرته الأقربين!
قال الأميني في الغدير: 1 / 207:
(وها نحن نذكر لفظ الطبري بنصه حتى يتبين الرشد من الغي. قال في تاريخه: 2 / 217 من الطبعة الأولى: (إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت وإني لأحدثهم سنا وأرمصهم عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم