وما معنى الأمر الإلهي: أن تكون نبوة الرسول صلى الله عليه وآله أولا لبني هاشم خاصة ، وبعدها لقريش والعرب والناس عامة؟
وما معنى أن قريشا اتخذت قرارا بمحاصرة بني هاشم، فالتفوا جميعا حول النبي صلى الله عليه وآله، مؤمنهم وكافرهم، وتحملوا الحصار الشامل الذي استمر من السنة السادسة أو السابعة، إلى السنة الحادية عشرة للبعثة.. ولم يقل أحد منهم آخ! وما معنى أنه عندما كانت الشدائد تقع على المسلمين، لم ينهض بحملها إلا بنو هاشم؟
فقد انهزم المسلمون جميعا في أحد، ولم يثبت غير بني هاشم!
ثم تحداهم جميعا فارس الأحزاب يوم الخندق، فلم يجرؤ أحد على مبارزته غير بني هاشم!
ثم انهزموا في حنين وهم عشرة آلاف.. فلم يثبت غير بني هاشم!!
إنها حقائق وظواهر تفسر الحديث الذي روته مصادرنا قال فيه النبي صلى الله عليه وآله : (بعثت إلى أهل بيتي خاصة، وإلى الناس عامة).
كما تدل آية (وأنذر عشيرتك الأقربين) وما ورد في تفسيرها، على أن إنذار بني هاشم كان مبرمجا من الله تعالى.. وأن تعيين وصي النبي صلى الله عليه وآله وخليفته من بينهم ، كان ضمن ذلك البرنامج..
فقد قال السيوطي في الدر المنثور: 5 / 97:
(وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي في الدلائل، من طرق، عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنذر عشيرتك الأقربين، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا، وعرفت أني مهما أبادؤهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليها حتى جاء جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لي صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واجعل لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب، حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به.
ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها بأسنانه