أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٥٢
كلامهم إلى إبداء شبهتين هما:
الشبهة الأولى: لو كانت الرؤية ممتنعة لما سألها الكليم (عليه السلام) إن الآية دالة على أن موسى (عليه السلام) سأل الرؤية، ولا شك في كون موسى (عليه السلام) عارفا بما يجب ويجوز ويمتنع على الله تعالى، فلو كانت الرؤية ممتنعة على الله تعالى لما سألها، وحيث سألها علمنا أن الرؤية جائزة على الله تعالى (1).
والاستدلال بطلب موسى إنما يكون متقنا إذا تبين أنه (عليه السلام) طلبها باختيار ومن غير ضغط من قومه، فعندئذ يصلح للتمسك به ظاهرا، وأنى للمستدل إثبات ذلك، مع أن القرائن تشهد على أنه سأل الرؤية على لسان قومه حيث كانوا مصرين على ذلك على وجه يأتي بيانه، وتوضيحه يتوقف على بيان أمور:
1 - أنه سبحانه ذكر قصة ميقات الكلام وطلب الرؤية أولا (2).
2 - أنه سبحانه أتبعها بذكر قصة العجل وما دار بين موسى وأخيه وقومه ثانيا (3).
3 - ثم نقل اختيار موسى من قومه سبعين رجلا لميقاته سبحانه وقال:
{واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين} (4).
والإجابة الحاسمة تتوقف على توضيح أمر آخر وهو: هل كان سؤال موسى

(١) مفاتيح الغيب ١٤: ٢٢٩.
(٢) الأعراف: ١٤٣.
(٣) الأعراف: ١٤٨ - ١٥٤.
(٤) الأعراف: ١٥٥.
(٦٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 647 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 ... » »»