أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٥٧
موسى (عليه السلام) إلى الطور وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلمه ويسمعهم كلامه، فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام، لأن الله عز وجل أحدثه في الشجرة، ثم جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه، فقالوا: لن نؤمن لك بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة، فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عز وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا، فقال موسى: يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا: إنك ذهبت بهم فقتلتهم، لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله إياك؟ فأحياهم الله وبعثهم معه، فقالوا: إنك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته، فقال موسى (عليه السلام): يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له، وإنما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه، فقالوا: لن نؤمن لك حتى تسأله، فقال موسى (عليه السلام): يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم، فأوحى الله جل جلاله إليه:
يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم، فعند ذلك قال موسى (عليه السلام):
{رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل (بآية من آياته) جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك (يقول: رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي) وأنا أول المؤمنين} منهم بأنك لا ترى ".
فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (1).
وللزمخشري في المقام تفسير رائع قال: ما كان طلب الرؤية إلا ليبكت هؤلاء

(1) الصدوق، التوحيد: 121 / ح 24 باب ما جاء في الرؤية.
(٦٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 652 653 654 655 656 657 658 659 660 661 662 ... » »»