الرؤية مستقلا عن طلب القوم الرؤية، أم لا صلة له بطلبهم؟ من غير فرق بين القول بوقوع الطلبين في زمان واحد أو زمانين، بل المهم، وجود الصلة بين السؤالين، وكون الثاني من توابع السؤال الأول.
والظاهر بل المقطوع به هو الأول، ويدل على ذلك أمران:
الأول: سياق الآيات ليس دليلا قطعيا إن ذهاب موسى بقومه إلى الميقات كان قبل تحقق قصة العجل، لقوله سبحانه: {يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك} (1)، فإن تخلل لفظة " ثم " حاك عن تأخرها عن الذهاب، ومع ذلك كله فقد جاء ذكر ذهابهم إلى الميقات في سورة الأعراف بعد ذكر قصة العجل، وهذا لو دل على شئ فإنما يدل على أن السياق ليس دليلا قطعيا لا يجوز مخالفته، فكما جاز تأخير المتقدم وجودا في مقام البيان فكذلك يجوز تكرار ما جاء في أثناء القصة في آخره لنكتة سنوافيك بها.
فما نقله الرازي عن بعضهم من أنهم خرجوا إلى الميقات ليتوبوا عن عبادة العجل فقالوا في الميقات: أعطنا ما لم تعطه أحدا قبلنا... (2) ليس بشئ، وقد عرفت تصريح الآية على تقدم سؤالهم الرؤية على عبادته.
الثاني: استقلال السؤالين غير معقول إن لاحتمال استقلال السؤالين صورتين:
الأولى: أن يتقدم موسى بسؤال الله الرؤية لنفسه ثم يحدث ما حدث، من