أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٦٦٣
4 - {وجوه يومئذ ناعمة} يقابلها: {لسعيها راضية * في جنة عالية} (1).
أنظر إلى الانسجام البديع، والتقابل الواضح بينهما، والهدف الواحد، حيث الجميع بصدد تصنيف الوجوه يوم القيامة، إلى ناضر ومسفر، وإلى ناعم وباسر، وإلى أسود (غبرة) وخاشع.
أما جزاء الصنف الأول فهو الرحمة والغفران، وتحكيه الجمل التالية:
{إلى ربها ناظرة} {ضاحكة مستبشرة} {في جنة عالية}.
وأما جزاء الصنف الثاني فهو العذاب والابتعاد عن الرحمة، وتحكيه الجمل التالية:
{تظن أن يفعل بها فاقرة} {ترهقها قترة}، {تصلى نارا حامية}.
أفبعد هذا البيان يبقى شك في أن المراد من {إلى ربها ناظرة} هو انتظار الرحمة!! والقائل بالرؤية يتمسك بهذه الآية، ويغض النظر عما حولها من الآيات، ومن المعلوم أن هذا من قبيل محاولة إثبات المدعى بالآية، لا محاولة الوقوف على مفادها.
ويدل على ذلك أن كثيرا ما تستخدم العرب النظر بالوجوه في انتظار الرحمة أو العذاب، وإليك بعض ما ورد في ذلك:
وجوه بها ليل الحجاز على الهوى * إلى ملك كهف الخلائق ناظره وجوه ناظرات يوم بدر * إلى الرحمن يأتي بالفلاح فلا نشك أن قوله: وجوه ناظرات بمعنى رائيات، ولكن النظر إلى الرحمن هو كناية عن انتظار النصر والفتح.
إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر

(٦٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 668 ... » »»