أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٤١
{ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم} (1).
والضمير في {لا يأتيه} يرجع إلى الذكر ومفاد الآية أن الباطل لا يتطرق إليه ولا يجد إليه سبيلا من أي جهة من الجهات، فلا يأتيه الباطل بأية صورة متصورة، ودونك صوره.
1 - لا يأتيه الباطل: أي لا ينقص منه شئ ولا يزيد عليه شئ.
2 - لا يأتيه الباطل: أي لا يأتيه كتاب يبطله وينسخه وأن يجعله سدى فهو حق ثابت لا يبدل ولا يغير ولا يترك.
3 - لا يأتيه الباطل: لا يتطرق الباطل في إخباره عما مضى ولا في إخباره بما يجئ، فكلها تطابق الواقع.
وحاصل الآية أن القرآن حق لا يداخله الباطل إلى يوم القيامة، فإذا كان حقا مطلقا مصونا عن تسلل البطلان إليه ومتبعا للناس إلى يوم القيامة يجب عند ذلك دوام رسالته وثبات نبوته وخاتمية شريعته.
وبتعبير آخر أن الشريعة الجديدة إما أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقة أو غيرها، فعلى الأول لا حاجة إلى الثانية، وعلى الثاني: فإما أن تكون الثانية حقة كالأولى، فيلزم كون المتناقضين حقا، أو أن تكون الأولى حقا دون الأخرى، وهذا هو المطلوب، وشريعة الرسول الأعظم جزء من الكتاب الحق الذي لا يدانيه الباطل، وسنته المحكمة التي لا تصدر إلا بإيحاء منه كما قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى} (2) فالآية صريحة في نفي أي تشريع بعد القرآن وأية شريعة بعد الإسلام، فتدل بالملازمة على عدم النبوة التشريعية بعد نبوته.

(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 ... » »»